بقلم – عمرو خيري
حيرة الملياردير: لماذا لم يعد بإمكانك الاستمتاع بالمدن عبر إنفاق الكثير من الدولارات؟
الملياردير المصري نجيب ساويرس كتب بالأمس تغريدة على تويتر يعبر فيها عن مشاعر الإحباط والحسرة بسبب انتشار فيروس كورونا على مستوى العالم: “وحشتني نيويورك.. وحشتني باريس.. وحشتني لندن.. وحشتني روما.. وحشتني أثينا.. وحشتني بيروت.. وحشني السفر.. عايزين حياتنا ترجع لنا.. يا رب بقى ونبي”. الأستاذ نجيب لديه قدرة مالية على السفر لأي مكان في العالم، والمضايقات التي أصبحت عادية في المطارات من نوعية ضرورة إجراء فحوصات البي سي آر مؤكد أنه قادر على تجاوزها إذا أراد السفر. يبدو أن ما يفتقده الأستاذ نجيب في المدن المذكورة وغيرها، هو النسيج المجتمعي للمدن
الناس في هذه المدن وغيرها لم تعد تملأ الشوارع ووجوها تشع بهجة واحتفالاً كالحال قبل الكورونا، فأقنعة منع انتقال العدوى الطبية تغطي الوجوه.. قلّ عدد السائحين حتى كاد يختفي، وسيطرت على المراكز العمرانية الجميلة للكوكب حالة طوارئ وحصار مزمنة. أستاذ نجيب للأسف لم يعد قادراً على الاستمتاع بالمدن المذكورة لأنها تبدلت، هي نفس الأماكن لكن أحوالها اختلفت لم تعد مألوفة مماثلة لما في الذاكرة.

التناقض المذكور بين القدرة المالية المُطلقة وعدم إمكانية استخدامها في الاستمتاع بالحياة على نمط سياحة الأغنياء، هو تناقض رئيسي في علاقة البشر بالطبيعة بدأ واستشرى على مدار أخر مائتي سنة. وحتى نفهم ما تفعله الكورونا بنا وكيف أدت إلى هذه الاستغاثة من الأستاذ نجيب (والكلام هنا عمّن يمثلهم من فئة الـ 1% من أثرياء الكوكب، وليس شخصه الكريم)، يمكن أن نتأمل تطور الشد والجذب بين المجتمع البشري والطبيعة
حرب الطبيعة والمجتمع البشري
لنبدأ من حقيقة أساسية عن العالم: الوجود يتكون من عنصرين، هما الطبيعة (كل ما ليس بشري) والمجتمع البشري. تطورت العلاقة من تعاون وقبول متبادل على مرّ التاريخ إلى مشهد حرب بدأ أخر مائتي سنة متخذاً هيئة التغير المناخي. تصاعدت خطورة التغير المناخي وما يؤدي إليه الاحترار العالمي من كوارث، حتى قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في سياق حديثه عن جائحة كوفيد-19: “الكوكب محطم. الإنسانية تشنّ حرباً على الطبيعة، والطبيعة تنتقم، ترد الضربة، وضرباتها تشتد قوة وغضباً”.[1]
نعم، المشهد مشهد حرب، وهي سجال. في أخر مائتي سنة تجاوز البشر الحدود المعقولة للعيش في الطبيعة بسبب شيء يسمى “السلعة”. اهتدت مجموعة من أصحاب الفلوس والصناعة في إنجلترا إلى اختراع اسمه المحرك البخاري. وجده أصحاب مصانع النسيج مفيداً في إنتاج كميات أكبر وأكبر، في وقت أقل، من السلع القابلة للبيع وتحقيق المكسب وزيادة تراكم الأرباح ورأس المال. جلبوا المزيد من القطن والمواد الخام من جميع أنحاء الأرض، فتحركت الموجة الاستعمارية الثانية في القرن التاسع عشر لإخضاع المزيد من الأراضي والبشر لعملية استخلاص المواد الخام لتشغيل المصانع والآلات البخارية. تطورت وتشعبت المواد الخام، وكثرت السلع القابلة للبيع وتحقق المكسب، وأصبح إنتاج الأشياء على نطاق هائل غاية في حد ذاتها ووسيلة لاستمرار دوران هذه العجلة العدمية. تكاثرت السلعة بمعدل “عفاريتي” تحت تأثير الطاقة المهولة التي تغذي الآلات ومصدرها الوقود الأحفوري الخارج من باطن الأرض. وكل إنتاج مصدره الأول والنهائي هو الطبيعة، وكل عملية إنتاج غايتها الأسمى هي بيع السلعة وتوسيع نطاق رأس المال المستثمر من أجل إنتاج المزيد من الأشياء وبيعها وتوسيع الدائرة أكثر، وهلم جرا، في عملية يصفها مفهوم “التبادل الإيكولوجي غير المتكافئ”،[2] أو الاستفادة غير العادلة من الموارد الجيوفيزيائية لكوكب الأرض من أجل الإنتاج الرأسمالي. والقاعدة تقول: الشيء يُنتج دائماً من شيء، لا شيء يُنتج من عدم.[3] السلعة دائماً هي نتيجة تحوّل شيء في الطبيعة إلى سلعة. والخدمة من قبيل السياحة أو الترفيه ورائها استهلاك لأشياء مادية مثل وقود الطائرات والسيارات وتحويل الطبيعة إلى موجودات مثل الفندق والفيلا على البحر واليخت داخل المحيط
وكانت النتيجة تغير جذري في كيمياء الكوكب: ارتفعت نسبة جزيئات الكربون في الغلاف الجوي فأدت إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، حتى أفقنا في أخر عشر سنوات على حالة من الحمّى أصابت الأرض: أخر ست سنوات (بين 2014 و2020) على حد قول الأمين العام وهيئة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ هي السنوات الأعلى حرارة منذ بدأ العلماء في رصد درجات الحرارة ومتابعة الطقس. وتقدر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي من هيئات الأمم المتحدة، أن: “السبب الرئيسي للارتفاع العالمي في الحرارة هو قرن ونصف من الصناعة والتصنيع، المصحوب بإحراق كميات متزايدة من النفط والجازولين والفحم، وقطع أشجار الغابات واستخدام وسائل زراعية معينة”. وتقدر هذه الهيئة المعنية بمراجعة وتلخيص وتجميع نتائج البحوث العلمية حول التغير المناخي، أنه “من المقدر أن التغيرات المناخية تسبب بالفعل أكثر من 150 ألف وفاة سنوياً” على مستوى العالم.[4]
وبعض هذه الخسائر البشرية تحدث في مشاهد حرب حقيقية. اشتعلت الحرائق في الغابات في أستراليا، عام 2019 قبل انطلاق الكورونا بشهور. وقف الناجون من الحرائق المجاورة لمدنهم وقراهم على شواطئ المحيط ينتظرون بوارج الأسطول الحربي الأسترالي تقترب لتنقذهم من الجحيم الذي يحاصرهم من اليابسة، وتحركت قوات المشاة للمساعدة في إطفاء الحرائق، في أكبر تحرك للجيش الأسترالي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.[5]
ليست حرب “البشر”، بل حرب “السلعة” على الطبيعة: حقبة الكابيتالوسين
المذكور أعلاه عن السلعة والحرب على الطبيعة ليس بالخطاب اليساري في ثوب جديد؛ إذ جاء على لسان الأمم المتحدة، الهيئة الحكومية العالمية الأسمى في العالم، في سياق تجميعها وتفنيدها و”هضمها” لكلام أكثر من 17 ألف باحث بمجالات العلوم البحتة والاجتماعية المختلفة عن ظاهرة التغير المناخي. وخطاب الحرب جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة. الخطاب اليساري في ثوب جديد هو في الحقيقة ما يلي
التناقض بين كلمة الأمين العام عن “حرب البشرية على الطبيعة” وكلام الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عن إحراق النفط والفحم وقطع أشجار الغابات الذي يؤدي حالياً إلى وفاة أكثر من 150 ألف إنسان على مستوى العالم كل سنة، يكمن في وصف الأمين العام لأنها حرب “البشرية” كلها على الطبيعة
أنا كأحد أبناء الجنس البشري لا أمارس هواية تقطيع الأشجار ساعة العصاري، ولا يستهويني ولا أملك القدرة على إنتاج كميات مهولة من السلع لأبيعها كل صباح. المواطن البنغالي أو السنغالي أو المصري العادي ليس مسؤولاً عن هذا النطاق الهائل للدمار والحرب على الطبيعة. المسؤول بحسب كلام الهيئة الحكومية أعلاه هو من حرّكوا واستفادوا من هذا الإحراق للنفط والفحم وقطع الغابات: أصحاب الفلوس
نفس هذا التناقض شهدته الدوائر الأكاديمية. وصف البعض الحقبة الجيولوجية التي يمر بها الكوكب حالياً وعلى مدار أخر 200 سنة بمسمى “الأنثروبوسين”، أي حقبة البشر، بمعنى أن البشر ككل أصبح لهم قوة المسبب الجيولوجي الجبار على نطاق كوكبي. لكن انتقد هذا الخطاب باحثون آخرون أكدوا ضرورة تحديد المسؤولية وتضييق نطاقها بحيث تقتصر على المسببين الرئيسيين: آليات الإنتاج الكبرى، ورأس المال، إذن يجب أن يكون المسمى لهذا العصر الجيولوجي هو: “كالبيتالوسين”، حقبة رأس المال الجيولوجية، المصطلح الذي صكه الباحث أندرياس مالم.[6]
وليس الدافع وراء تضييق نطاق المسؤولية هو توجيه الاتهامات الهستيرية للبعض على متن سفينة تغرق، إنما دافعه تحليلي ونفعي بالأساس: أن نعرف على وجه الدقة من السبب وراء التغير المناخي، حتى نفكر بهدوء في وسائل وأساليب مناسبة لدفع الضرر وتغيير المسار
خفاش الكورونا يطير لكن الملياردير لا يمكنه الطيران
لكن ما علاقة فيروس كورونا بالتغير المناخي، ولماذا انعطفتُ وأنفقت كلمات كثيرة على ظاهرة تبدو غير متصلة بالجائحة؟
العلاقة واضحة وقوية، وهي علاقة الجزء بالكل: المحرك الأول للتغير المناخي، حقبة الكابيتالوسين، هو أيضاً المحرك الأول وشبه الوحيد لانتشار فيروس كورونا على مستوى العالم
الخفافيش ثدييات تعيش بكميات مهولة في الغابات الاستوائية المطيرة، وعلى مدار ملايين السنوات عاشت وتطورت على أجنحتها الخفاقة فيروسات منها ما نسميه الآن كوفيد-19. لماذا لم يصلنا الكوفيد-19 إلا الآن؟ لأن مناطق معيشة الخفافيش كانت على مدار ملايين السنين بعيدة بمسافة مئات وآلاف الكيلومترات عن أماكن معيشة البشر. الطبيعة في حالها ونحن في حالنا. ثم قرر رأس المال أن عليه الانتشار في مواطن الخفافيش، لأن من قوانين رأس المال التوسع والتمدد الدائم في الحيز الجغرافي، فاقتربت المشاريع الإنتاجية كثيراً من معايش الخفافيش، وأصبحت التخوم بين البشر والطبيعة في ذلك الحزام الاستوائي على مستوى العالم خفيفة حتى انعدمت. طار خفاش فوق حظيرة أو مشروع إنتاجي ما، لأن الحظيرة أو المشروع هم من جاءوا إليه، وليس السبب هو رغبة الخفاش في السياحة إلى أماكن بعيدة، فانتقل فيروس الكوفيد-19 منه إلى حيوان آخر، أو إلى إنسان، وحقق الفيروس طفرة فأصبح قادراً على الانتشار من إنسان لإنسان، وركب الفيروس طائرة تلو الطائرة على أكتاف وبين أصابع وداخل رئة بعض البشر الكثيرين الذين يرتادون المطارات ويركبون الطائرات بسبب وفي نطاق حقبة الكابيتالوسين التي يتنقل فيها البشر كثيراً في الطائرات كجزء من مقتضيات وآليات الوجود في هذه الحقبة، فتحول إلى جائحة عالمية.[7]
انتشر الفيروس وتسبب في موت عشرات الآلاف في ظرف شهور، فاضطرت الحكومات إلى إغلاق الحدود وقفل المطارات، وخلت ساحات المدن الجميلة من السائحين والمواطنين، فأصبحت خالية من معناها القديم في نظر الملياردير. انتهى عصر الرأسمالية المتأخرة أو انتقل إلى مرحلة جديدة، ليست السياحة فيها للاستمتاع بالمشهد البشري العظيم في هذه المدينة وتلك باستخدام الدولارات من الأمور الممكنة
الدولارات موجودة وتزيد، لكن المشهد نفسه انطفأ
كيف حوّل رأس المال الوجود كله إلى سلع وفلوس ثم لم يعد الاستمتاع بهذه السلع والفلوس ممكناً
للأسف الشديد، أدى نمط عمل مليارديرات هذا الكوكب في هذه المرحلة الزمنية، وهذه الحقبة الجيولوجية، إلى الوصول إلى الخط الذي يُستنفذ عنده النظام الكوكبي الطبيعي كمكان قادر على تحمّل وجود كل البشر، حتى لم يعد أمام الأمم المتحدة – الهيئة الحكومية العاقلة الرشيدة المحافظة – إلا أن تتبنى هذا الخطاب الراديكالي بوصفه الخطاب الوحيد والطبيعي الممكن لوصف – مجرد وصف – ما يحدث في العالم
لم يعد خطاباً راديكالياً، بل الخطاب الوحيد المعقول لوصف وتحليل ما نحن فيه وما نحن مقبلون عليه من أزمات مزمنة ومطولة. الكورونا ظهرت في 2020، ومن ورائها ستأتي جوائح أخرى كثيرة طالما استمر “الاستثمار” في مناطق معيشة حيوانات فيروساتها عاتية الأثر على البشر. حرائق الغابات في الأمازون وأستراليا وجنوب شرق آسيا.. الأعاصير والعواصف غير المسبوقة (ومنها نمط جديد يُسمى أعاصير البحر الأبيض المتوسط، ومنها عاصفة التنين التي شهدتها مصر قبل انطلاق الجائحة مباشرة في ربيع 2020).. تملح الأراضي الزراعية المتاخمة لشواطئ البحار والمحيطات ودلتا الأنهار وانقطاع الإنتاجية الغذائية عنها.. كلها مظاهر للتحول المرضي المزمن الخطير الذي يمنع أي ملياردير من مدّ يده إلى جيبه والانطلاق بقوة المال للاستمتاع بحياة المدن الأخرى
الفلوس في جيب الملياردير، وفي جيوب كل الميسورين والمستورين، لم تعد كافية للاستمتاع بالحياة. هذه الفلوس مصدرها الأول والوحيد هو الموجودات المادية للعالم. والكابيتالوسين.. نمط الإنتاج السائد.. هو الآلية التي ملأت تلك الجيوب. العالم الأول الحُرّ المرفه وكل أثرياء العالم أثروا على مدار مئات السنين من لحم وعظم العالم (ناهيك عن الإثراء على أكتاف علاقة غير عادلة بالعمال وتوزيع الأجور)، وبدرجة ووتيرة غير مسبوقة لدرجة الوصول إلى حدود النظام الجيوفيزيائي التي لا يمكن اختراقها. لم تعد عوائد استهلاك موارد الكوكب قابلة للاستثمار في الاستمتاع بالعالم.. لم يعد من المكسب المادي فائدة
ليس أمامنا إلا تغيير ما يمكن تغييره للاستمرار في الحياة. لا يمكن تغيير الطبيعة لتستوعب المجتمع البشري بأثريائه ورأس ماله. الأرض لها آلياتها وقواعدها وغير عاقلة وغير واعية وغير قابلة للتفاوض معنا. ما يمكن تغييره هو المجتمع البشري نفسه، ونمط إنتاجه واستهلاكه للموجودات. للأسف نحن البحر من خلفنا والطبيعة من أمامنا، لا يمكننا سوى أن نقبلها ونمد أرجلنا على قد لحافنا
الحلول كثيرة وممكنة لكن ينقصها المُحرّك الأول
إذن معنا الفلوس، ومعنا التكنولوجيا، أو “معهم”، هؤلاء البعض، الفلوس والتكنولوجيا، لكن لا يمكنهم الاستمتاع بها. ليس أمامهم سوى استثمار هذه الفلوس والتكنولوجيا في طرق بديلة للبقاء على الكوكب الوحيد القادر على تحملنا في المجموعة الشمسية. كيف ستنفق فلوسك وكيف ستنفعك التكنولوجيا مع استحالة الإنفاق على المتع البريئة المألوفة والمشروعة التي تُستخدم فيها هذه الأشياء؟ كيف ستنفق أي أموال وفوقك مباشرة تجمعات كثيفة من ذرات كربون أصابت الكوكب بحمى وحرائق وجوائح، وأنت في الأصل تجمعت في جيبك هذه الأموال عن طريق اشتداد كثافة وأعداد هذه الذرات؟
الإجابات كثيرة ومتنوعة: من الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة المتجددة (طاقة شمسية ورياح وأمواج، إلخ)، إلى تقنيات لإعادة الكربون من الغلاف الجوي إلى باطن الأرض وتحرّي أسلوب حياة أقل استهلاكية والامتناع عن أكل اللحوم التي يتطلب إنتاجها استهلاك الكثير من المياه العذبة والأراضي الزراعية. لكن لو أنتجنا الطاقة المتجددة وأعدنا الكربون إلى باطن الأرض ونجحنا في تقليل الرغبة في أكل اللحوم، وظلّت آلية إنتاج “السلعة” من أجل إنتاجها والاستمرار في زيادة التراكم المالي، لن نحقق شيئاً. سوف تستمر آليات الإنتاج للمكسب الهائل، وسوف نستمر في استخراج المعادن اللازمة لتصنيع معدات الطاقة المتجددة، ولن تكفينا أي كميات من الطاقة للاستمرار في إنتاج السلعة الآخذة دوماً في التكاثر كالخلايا السرطانية
الأصل هو التعامل مع العلّة، وليس مظاهرها. الأصل هو تغيير شامل وجذري لفكرة الإنتاج من أجل الإنتاج ذاتها، التشوه الأيديولوجي أو العقيدة التي حرّكت هذه الحرب وأصابت الكوكب بحمّى مزمنة. لو تخلص العالم من عقيدة التراكم الرأسمالي وأحل محلها الإنتاج للكفاية والتوزيع العادل للثروة، فأمامنا أمل في البقاء. لو تحوّلت إرادة الحكومات إلى مجتمعات الكفاية والتعاون للحفاظ على التنوع الحيوي والحدود المادية التي ترغمنا عليها الطبيعة للتعايش معها، فهناك فرصة لاستمرار المجتمع البشري بعيداً عن فيروسات الخفافيش وحرائق الغابات وذرات الكربون المتكاثرة في الغلاف الجوي التي تقتلنا بالبطيء بعد أن أدخلت عالمنا في عصر جيولوجي كل يوم منه يمر تزيد عدم ملائمته للجنس البشري
أي حلول على مستوى أدنى من هذه العتبة هي حلول تعالج الحمّى بإعطاء المريض خافض الحرارة. لكن للحمّى مسبب يحتاج لعلاج للعلّة حتى ترحل، وكل تأخير في علاجها – لا إعطائها خافض الحرارة – يعني استفحال المرض وآثاره على أعضاء الجسد
[1] تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أثناء محاضرة في جامعة كولومبيا، 2020: https://www.dw.com/en/un-chief-antonio-guterres-theres-no-vaccine-for-the-planet/a-55796224
[2] Ecologically unequal exchange: http://www.ejolt.org/2015/02/ecologically-unequal-exchange/
[3] مقولة للفيلسوف الإغريقي أبيقور، نقلاً عن “أندرياس روس، (أطروحة دكتوراه تصدر قريباً)، “تجديد الطاقة: دمج اللامساواة العالمية في فهم حدود نظام تكنولوجيا الخلايا الشمسية”، جامعة لوند، السويد.
[4] https://www.who.int/heli/risks/climate/climatechange/en/
[5] Andreas Malm (2020). Corona, Climate, Chronic Emergency. London: Verso.
[6] Andreas Malm (2016), Fossil Capital: The Rise of Steam Power and the Roots of Global Warming. London: Verso.
[7] Andreas Malm, (2020), Op Cit.