** صدرا حديثًا ** السعر خطأ – لماذا لن تنقذ الرأسمالية الكوكب؟

المؤلف: برت كريستوفرز

الناشر: كتب فيرسو

سنة النشر: 2024

مؤلف كتاب “السعر خطأ: لماذا لن تنقذ الرأسمالية كوكب الأرض؟” برت كريستوفرز هو أستاذ الجغرافيا الاقتصادية بجامعة أوبسالا في السويد، ويُعرف بأعماله النقدية العميقة التي تكشف البُنى الاقتصادية للرأسمالية في مجالات العقارات، وإدارة الأصول، والأسواق المالية. من بين أشهر مؤلفاته السابقة: “الرأسمالية الريعية: من يملك الاقتصاد ومن يدفع ثمنه؟” و”حياتنا في حافظاتهم الاستثمارية“. وأسلوب كريستوفرز يتّسم بالدقة التحليلية، وهو يُزاوج بين البحث الأكاديمي الصارم والكتابة النقدية الموجّهة لجمهور واسع. عمل سابقًا كمستشار إداري قبل أن ينتقل إلى عالم البحث الأكاديمي، وهو ما يضفي على كتاباته عمقًا في فهم منطق الأسواق والمؤسسات الاقتصادية.

يرتكز كتاب “السعر خطأ” على أطروحة محورية: أن انخفاض تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة لا يعني بالضرورة أن السوق سيتجه تلقائيًا نحو تبنّيها، ما يؤدي لإنقاذ كوكب الأرض من الانبعاثات الكربونية التي يسببها الوقود الأحفوري. فعلى الرغم من أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح باتتا أرخص نسبيًا من الوقود الأحفوري، فإن الرأسماليين لا يقرّرون الاستثمار استنادًا إلى الأسعار المنخفضة، بل بناءً على استقرار الأرباح وارتفاعها.

يُظهر كريستوفرز أن الطاقة المتجددة، رغم جدواها البيئية، لا توفّر هوامش ربح كافية في ظل تقلب الأسعار، إضافة إلى مشكلات صعوبة التخزين، ومحدودية السيطرة على العرض، ما يجعلها غير جذّابة للاستثمار الخاص.

ويسعى الكتاب إلى “تفكيك خرافة السوق الأخضر”، فهو يرفض ما يسميه المؤلف بـ “الوهم الأخضر” الذي يروّج لفكرة أن الابتكار التكنولوجي والأسواق وحدها يمكن أن يقودا التحوّل البيئي. ويقدّم شواهد على إخفاق الأسواق في خفض الانبعاثات الكربونية، منها أنه في عام 1985، بلغت نسبة الكهرباء المُولدة من الوقود الأحفوري عالميًا 64%. وفي 2022، بلغت النسبة 61% فقط، رغم كل التطور التكنولوجي والدعم الأخضر. ثانياً: شركات الطاقة المتجددة الكبرى، مثل “نيكست-إيرا” في الولايات المتحدة، تعتمد بشدة على الدعم الحكومي للبقاء، مما ينقض الادعاء بأن السوق هو من يقود التحول. وفي المملكة المتحدة، استُخدمت آليات السوق لتحقيق أرباح غير مشروعة عبر تقليص العرض عمدًا ورفع الأسعار على المستهلكين.

ويركز الكتاب على دور الدولة مقابل دور السوق، إذ يقدم المؤلف طرحًا جذريًا مفاده أن الدولة وليس السوق هي القادرة على تنفيذ التحوّل البيئي اللازم. فقط الدولة تمتلك القدرة المالية والبنية التحتية التنظيمية لتنفيذ استثمارات طويلة الأجل في البنية التحتية للطاقة المتجددة. ويرى أن “الكهرباء” هي مثال على ما وصفه الاقتصادي كارل بولاني بـ”السلعة الزائفة” – أي منتج لا يمكن تسويقه كما تُسوّق السلع الأخرى بسبب خصائصه الخاصة مثل عدم قابلية التخزين والتذبذب في الطلب.

وفي العلاقة بين البيئة والسياسة، يُسلّط الكتاب الضوء على علاقة التواطؤ بين السياسة والمصالح الاقتصادية، التي تؤخر التحول البيئي الحقيقي. فالرأسمالية بطبيعتها تسعى لتعظيم الربح على المدى القصير، بينما يتطلب إنقاذ المناخ استثمارات لا تدرّ أرباحًا فورية. ويختم كريستوفرز أطروحته بنداء واضح: لا بد من تدخل الدولة بقوة لإعادة تنظيم أسواق الكهرباء والطاقة، وضمان العدالة المناخية، وليس الاكتفاء بالحوافز السوقية.

“السعر خطأ” هو إذن كتاب تحريضي وتحليلي بامتياز، يُعيد توجيه النقاش البيئي من التكنولوجيا والسوق إلى السياسة والسلطة العامة. إنه دعوة لرفض الأوهام النيوليبرالية، والاعتراف بأن إنقاذ الكوكب مهمة أكبر من أن تُترك للسوق وحده. وكما قال لينين: “أحيانًا يحتاج التاريخ إلى دفعة”، وهذه الدفعة يجب أن تكون من خلال إرادة سياسية حازمة واستثمارات عامة جريئة.

كتب تناقش أفكارًا مشابهة

جاسون هيكل: الأقل أكثر

يناقش هيكل فكرة أن “النمو الاقتصادي” لم يعد مفيدًا، ويقدّم رؤية بديلة تقوم على خفض الإنتاج والاستهلاك لتجنب الكارثة المناخية.

أندرياس مالم – رأس المال الأحفوري

يربط بين الرأسمالية والاعتماد التاريخي على الفحم والطاقة الأحفورية، ويؤكد أن التغيير البيئي الجذري يتطلب كسر البنية الاقتصادية السائدة، على أنه يقدم هذا التصوّر بعد تحليل تاريخي مستفيض يعيد النظر بشكل راديكالي في تاريخ الثورة الصناعية.

ناعومي كلاين – هذا يغير كل شيء

تنتقد السوق الحرة وتوضح أن التغيّر المناخي هو تحدٍ سياسي بنيوي، وليس مجرد مسألة تقنية أو بيئية. كل هذه الأعمال تتقاطع مع أطروحة كريستوفرز في التشكيك بقدرة الرأسمالية على قيادة التحول البيئي، وتؤكد أن الخروج من الأزمة يتطلب تحوّلًا مؤسسيًا شاملًا يتجاوز منطق الربح والخسارة.


اكتشاف المزيد من قراءات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

.