** صدر حديثًا ** الجوانب الإيجابية في التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين – كاي هي وهويون فينج

صدر في يونيو 2025 عن دار نشر كامبردج الجامعية (كامبردج يونيفرسيتي بِرس) كتاب هام في العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بعنوان “الجوانب الإيجابية في التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين“. مؤلفا الكتاب هما كاي هي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جريفيث في أستراليا، وزميلته في الجامعة نفسها، أستاذة العلاقات الدولية والدراسات الحكومية هويون فينج، ومن اهتماماتها البحثية مشروع لفهم صعود الصين من وجهة نظر باحثي العلاقات الدولية الصينيين. التالي عرض موجز للكتاب يعتمد على المحتوى الذي أتاحه الناشر عنه.

تُعدّ المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين عاملًا حاسمًا في تشكيل السياسة العالمية. وتفترض السردية السائدة في العلاقات الأمريكية–الصينية أن نشوب صراعات بين هاتين القوتين العظميين أمر لا مفر منه، بما قد يحوّل التوقّعات إلى نبوءة تحقق ذاتها. ومع التسليم الكامل بما تنطوي عليه هذه العلاقة من مخاطر كامنة لاحتمال نشوب حروب أو نزاعات عسكرية، يبيّن هذا الكتاب أن المنافسة لا تفضي بالضرورة إلى نتائج سلبية.

فعبر دراسة منهجية لآليات الموازنة المؤسسية بين الولايات المتحدة والصين في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية—وخاصة في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008—يسلط هذا الكتاب الضوء على ثلاث نتائج خارجية إيجابية أو تبعات غير مقصودة: (1) تنشيط المؤسسات الإقليمية لمواجهة التحديات الناشئة، (2) نشوء أشكال من التعاون غير المتوقعة بين القوى الكبرى (الولايات المتحدة والصين) والفاعلين الإقليميين، و(3) تقديم السلع العامة من قبل كلا البلدين.

ويخلص الكتاب إلى أن المنافسة البنّاءة والمؤسسية بين الولايات المتحدة والصين، إذا ما أُديرت ببصيرة استراتيجية وضبط للنفس، قد تقود بشكل غير مباشر إلى نتائج إيجابية—أي إلى حالة من “السلام المؤسسي”—في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي المقدمة يتناول المؤلفان مرتكزَي النظام الدولي: ركيزة القوة وركيزة المؤسسات، ويُبيّن المؤلفان لماذا يُعدّ طرح غراهام أليسون حول “فخ ثيوسيديدس” مضلّلًا عند تحليل تحوّلات النظام الدولي. يجادل الكاتبان بأن تغيّر موازين القوة بين الولايات المتحدة والصين لا يعني بالضرورة حدوث انتقال في النظام العالمي، بل إن هذا الانتقال يتطلب تغيّرات جوهرية في كل من ركيزتَي القوة والمؤسسات معًا. ورغم أن مبدأ “الدمار المتبادل المؤكد” (MAD) يردع نشوب حرب مباشرة بين البلدين، إلا أن المنافسة الاستراتيجية الحادة بين الولايات المتحدة والصين باتت أمرًا لا مفر منه. وفي هذا السياق، يطرح الكتاب في فصوله التالية سؤالين رئيسيين: كيف تتنافس الولايات المتحدة والصين عبر المؤسسات الدولية؟ وما تأثير هذه المنافسة المؤسسية على مسار وتحوّل النظام الدولي القائم؟

يتناول الفصل الأول النظري بالتفصيل أطروحة “السلام المؤسسي” التي يطرحها المؤلفان، ويشير إلى أن الولايات المتحدة والصين استخدمتا، خلال فترة تحوّل النظام الدولي، استراتيجيات موازنة مؤسسية تشمل أساليب شاملة وحصرية، بهدف التنافس على القيادة وحق صياغة القواعد داخل المؤسسات الدولية وخارجها. ويؤكد الفصل على ثلاث نتائج إيجابية لهذه المنافسة المؤسسية: تنشيط المؤسسات الدولية؛ تعزيز التعاون الإقليمي؛ التنافس في تقديم السلع العامة. ويرى المؤلفان أن هذه النتائج يمكن أن تساهم في انتقال سلمي للنظام الدولي، بشرط أن تلتزم الولايات المتحدة والصين بمنافسة مسؤولة، تقوم على ثلاثة شروط أساسية: استمرار الردع النووي؛ الحفاظ على الترابط الاقتصادي العميق؛ تخفيف حدة الصراع الأيديولوجي.

أما الفصول الثلاثة التالية فهي تتناول السؤالين البحثيين للمؤلفين من ثلاث زوايا: الملف الأمني والقطاع الاقتصادي، ثم القطاع السياسي. وفي الخاتمة، يقدّم الكاتبان ملخّصًا لنتائج البحث حول الجوانب الإيجابية للمنافسة بين الولايات المتحدة والصين في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. كما يسلّطان الضوء على تحديين رئيسيين أمام تحقيق “السلام المؤسسي” في المنطقة: تصاعد التنافس على النفوذ بين القوتين، وما قد يترتب عليه من صراعات أو حروب بالوكالة؛ وميل بعض القادة في البلدين لاتخاذ قرارات غير عقلانية ومجازِفة، غالبًا تحت ضغط السياسة الداخلية. ورغم أن إدارة هذه المنافسة الاستراتيجية تقع بالأساس على عاتق الولايات المتحدة والصين، يؤكد الفصل الختامي أن لدول المنطقة الثانوية (أي منطقة آسيا والمحيط الهادئ) دورًا حاسمًا ومستقلًا في تخفيف التوترات بين القوتين، خصوصًا في القضايا الحساسة مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي. ومشاركتها النشطة تُعدّ ضرورية لتعزيز السلام المؤسسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.


اكتشاف المزيد من قراءات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

.