مزامير الليلة الأخيرة في بيت إيزيس

شريف الصيفي في متون التوابيت، تطالعنا الشخصية المصرية في لحظة تاريخية مفصلية، بعد انهيار الدولة القديمة وتعرّض نمط الإنتاج السائد فيها للتآكل، لتظهر متون التوابيت نتيجة وانعكاسًا لهذه الأزمة، ومحاولة للإصلاح وترميم هذا التآكل من ناحية، ومن ناحية أخرى قهر الانفصال الذي تتسبّب فيه تجربة الموت عبر أطروحات جديدة. العقل المصري يتفلسف بعد تحرره النسبي…

نبي العقل: العلم والدين وجذور الشرق الأوسط الحديث – بيتر هيل

في سنة 1813، عاليًا في جبال لبنان، جلس فتى يتابع كسوف الشمس. هل ينبئ بالحرب أو الطاعون أو موت الأمير؟ من هنا بدأت رحلة بحث ميخائيل مشاقة عن الحقيقة، وقد مشاها على مدار عمره. سرعان ما بدأ يقرأ في العلوم التي بدأها نيوتن، وأفكار فولتير وفولني الثورية. فقد دينه وابتعد عن الكنيسة الكاثوليكية. وبعد ثلاثين عامًا مع اشتعال نيران الحرب الأهلية، وجد دينًا جديدًا، البروتستانتية الإنجيلية. ثم وفي عام 1860 نجا مشاقة بحياته بصعوبة بالغة في أسوأ الحوادث التي مرت على دمشق: مذبحة راح ضحيتها آلاف المسيحيين. نحن إذن بصدد مُفارقة: صعود العلمانية العقلانية والطائفية الدينية العنيفة معًا. من خلال تتبع حياة ميخائيل مشاقة في ذلك الزمن الصاخب والمضطرب، حين راحت الإمبراطوريات تتصارع على السلطة والنفوذ، يجيب بيتر هيل على سؤال: بم كان الناس في الشرق الأوسط يؤمنون حقًا؟

النهضوي الأخير: طه حُسين

في السابع من نوفمبر 1950، وصل طه حسين، وزير المعارف المصري، إلى مدريد في رحلة رسمية تستغرق ستة أيام إلى إسبانيا. كان في انتظار حسين وزوجته سوزان في محطة القطار وزير التعليم الإسباني، ونواب وزيري الخارجية والتعليم الإسبان، والمستعرب الإسباني إيميليو جارسيا جوميز (تلميذ طه حُسين القديم وسفير المستقبل) وطلاب البعثة الدراسية المصرية في إسبانيا وأعضاء السلك الدبلوماسي المصري. ركزت الصحف الإسبانية المهتمة بالزيارة على إنجازات حُسين الأدبية وسبب زيارته: افتتاح معهد فاروق الأول للدراسات الإسلامية في مدريد. في تقريره السري للقاهرة، وصف السفير المصري محمد حسني عمر الحدث بأنه انتصار كبير للدبلوماسية الثقافية المصرية، وذكر أن رد الفعل الإسباني الإيجابي يُعَد “يؤكد مكانة مصر العلمية وأهميتها الثقافية.”

هوس توابل القرع

التسويق العاطفي نهج يُركز على المستهلِّك، وتُحركه الحكاية، ويهدف إلى خلق رابط شعوري بين المستهلك والعلامة التجارية. كانتْ توابل القرع مناسبة تمامًا لتكييف الخطة التسويقية تلك مع فكرة الهيمنة الموسمية. إن الإشارة للقرع كعشاء للفقير أبعدت الناس عن استهلاكه اليومي. لكنّ سردية القرع كرمز للمثابرة الأمريكية والنجاح الزراعي يعني أننا لا نريد نسيان الفاكهة. تتيح لنا توابل القرع الحفاظ على هذا الحنين دون الالتزام بالفاكهة؛ لأننا نشارك معناها، الاستهلاك واسع النطاق لتوابل القرع يؤكد من جديد إحساسنا بالمجتمع والتزامنا بالتضامن. على مستوى ما، يعزز هويتنا كأمريكيين.

الأصول الاجتماعية للإسلام: العقل والاقتصاد والخطاب (عرض كتاب)

إن ما يقدمه بامية للدراسات الإسلامية هو حشو الحياة اليومية ومادتها، معايشة لانبثاق العقل الإسلامي وتفتحه من داخل العقل الجاهلي، وهو بهذا المعنى ليس تاريخًا بالمعنى التقليدي، وخطاطة الكتاب ليست تتابعًا زمنيًا للأحداث «المادية» وإنما حركة ديالكتيكية لمفاهيم العقل. فالكتاب مقسم إلى بابين عنوانهما «الأرض» و«العقيدة»، ومن بين فصوله مثلًا: «الأفق والرؤية والاستقرار»، «التوقف والخطاب»، «الانتظار»، «الطبيعة والنص والأطلال»، «منطق التجوال»، «عبرَة الشاعر وخوف النبي: خيبات الاغتراب». هذه الروح الشعرية مردها الاعتماد الكبير على الفينومينولوجيا والنقد الأدبي، وهي الأشياء التي تهب الكتاب سحره فيما تثبط قارئه الباحث عن «المعرفة الجديدة» في صورة وثائق