الكورونا والخيال الإيكولوجي: تعقيب على مقال أرونداتي روي “الجائحة بوابة”

ما فعلته أرونداتي روي في مقالها هو أنها تسلحت بأدوات الأدب، بالمجاز والصورة، لتقدم للقراء حقيقة قبيحة مجردة، اعتدنا أن نراها إما في صورة إحصاءات بأعداد الموتى والمصابين وحسابات من دخلوا المستشفيات ومن خرجوا منها ونسبة هؤلاء إلى هؤلاء، أو في صورة تحليلات اقتصادية وسياسية مكتوبة بلغة “الخبير”. 

تشارلز رايت ميلز: الخيال السوسيولوجي

ذا فالخيال هو القدرة على التحول من منظور لآخر؛ من السياسي للسيكولوجي؛ من دراسة حالة أسرة واحدة لتقييم مقارن للموازنات العامة لدول العالم؛ من مدرسة اللاهوت للمؤسسة العسكرية؛ من استقصاءات صناعة البترول لدراسات الشعر المعاصر. إنه القدرة على التنسيق بين التحولات العامة شديدة البُعد عما هو ذاتي والسمات الجوهرية لذات الإنسان وإدراك العلاقة الثنائية بينهما. وبناءً على توظيفه، هناك دومًا السعي الدءوب لمعرفة الدلالة الاجتماعية والتاريخية للفرد في المجتمع والحقبة الزمنية التي تشكلت أثناءها سماته وكينونته.

العمران: المكان والوقت والعنف

لما نحكي عن الشخصي وعلاقته بالسياسي، زي مثلا مظاهرة السيدات من ثورة ١٩١٩ اللي اتقتلت فيها اسمها “حميدة خليل”، ليه هنحكي حكايتها دي المرتبطة بالزمن والمكان؟ هل المكان اللي الستات اتظاهروا فيه في العاصمة دي من ميت سنة، هو نفس المكان دلوقتي؟ ينفع نعمل مقارنة تاريخية بين اللحظة دي واللحظة بتاعت ١٩١٩ من غير ما نتكلم عن المكان واتغير إزاي وازاي الشخصي في المكان ده اتغير عبر الزمن؟ عدسة “العنف” قد تكون مفيدة في فهم طبيعة الصراع ده حوالين المكان والبشر (أو مجال العمران) اللي بنتكلم عنه انهاردة.

ما هو التاريخ؟

عادةً ما يصعب التفريق بين التاريخ والماضي، وربما يرجع أحد الأسباب إلى أننا دأبنا على الخلط بين التاريخ – وهو ما كُتب وسُجل عن الماضي- والماضي نفسه، وذلك لأن لفظ “التاريخ” يجمع الاثنين. ولهذا ربما يكون من الأفضل استخدام مصطلح “الماضي” للدلالة على الأشياء السابقة ومجال اهتمام المؤرخين، ومصطلح “التأريخ” للدلالة على التاريخ ومنهجية المؤرخين، بينما نحصر استخدام مصطلح “التاريخ” (معرفًا بالألف واللام) للدلالة على هذه العلاقات مُجمعة.

سكة معارف: الخوف والمشاعر والصورة.. كيف نقرأ المجتمع؟

الشخص لما يقف أمام فظائع ويرى إنه مُلزم بتوثيقها، بالتصوير، ما الذي يفعله عندما يتخذ هذا القرار؟ عند وقوفه أمام حدث معين لتوثيقه، ينتج موثقه شيء جديد، هو الصورة في حالتنا. سوزان سونتاج تحدثت عن إن “فظاعة” الصورة تتمثل في اختيار الشخص لمادة تصويره بشكل تعسفي، فيه قدر من العنف، في اختياره للمشهد الذي تثبته الصورة. تلك القوة الساحرة للصورة: رغبة المرء في التقاط شيء فظيع يؤدي إلى شراكة المصور بشكل أو بآخر في إنتاج المشهد أو حدوث تلك الفظائع. ونحن كمتفرجين عندما نرى الصورة وكأننا جزء من هذا الالتباس الأخلاقي، وكأننا شركاء في الشيء الذي نستهلكه، الصورة المعبرة عن فظائع.

ما هي النظرية؟ وكيف نستخدمها كأداة للتحليل أثناء الكتابة؟

هناك سؤال أصعب يجب أن نتصدى له الآن: “إذا كان المنظّرون يرون نظرياتهم كليات متماسكة، فهل هذا يعني أنه من قبيل التهاون وقلة الالتزام الأكاديمي أن يختار المرء جزءًا أو منظورًا بعينه من النظرية؟” في رأيي أنه إذا كانت النظرية س أو ص مجموعة من الأدوات، فلك أن تختاري منها أداة معينة دون أن تلتزمي باستعمال مجموعة الأدوات بالكامل، طالما تفهمين تبعات استخدام هذه الأداة المُختارة.

كيف تعرض كتابا؟ دليل للاشتباك مع الكتب وأفكارها عبر القراءة الناقدة

لقراءة الناقدة هي التمكّن من التعليق على أفكار الكتاب المعني بشكل مُعمق متجاوز لمستوى الفكرة الظاهري الذي قد يصل إليه أي قارئ عابر. والقراءة الناقدة لكل عمل تختلف تماماً من قارئ إلى آخر.

تيري إيجلتون : موت الجامعات

ما نشاهده هذه الأيام هو موت الجامعات كمراكز لحركة التفكير النقدي. منذ عهد مارجريت تاتشر، أصبح دور الأوساط الأكاديمية هو أن تخدم الوضع الراهن، لا أن تتحداه. حدث هذا باسم العدالة، التقاليد، الخيال، الرفاهية الإنسانية، التفكير الحر أو الرؤى البديلة للمستقبل. نحن لن نغير هذا الأمر ببساطة بزيادة ما تنفقه الدولة على العلوم الإنسانية بدلا من أن تكاد تكون ممتنعة عن أي إنفاق عليه كما هو الوضع الحالي. نحن سنغير هذا بالإصرار على أن التفكير النقدي حول القيم والمباديء الإنسانية يجب أن يكون في قلب كل ما يجري في الجامعة.